أرشيف

المشترك الشعبي العام .. في مرحلة ” حصني احصنك”

اقر مجلس النواب بعدم فتح باب التنافس في الإنتخابات الرئاسيه المبكره التي ستجري في فبراير القادم، والإكتفاء بالمرشح التوافقي بين احزاب المشترك والمؤتمروفقا للمبادره الخليجيه .. وهذا تأكيد اضافي من قبل المشترك والمؤتمرعلى ضرب الديمقراطيه والإتجاه نحو التوافق الذي – حسب المتابعين – لن يستمرطويلا.
غير مبالين بالمستقبل ، ولا على النتائج المترتبه على ذلك ، فالموقعين على المبادره تعمدوا حرمان المواطنين في حقهم في الترشح للرئاسه الذي يحتكره الطرفانبالنظر للأغلبيه التي يمتلكانها في البرلمان ، ليس في الأمر غرابة ، فالمشترك الشعبي العام الذين يعملون خارج اطار الثوره الشبابيه يشرعون لأنفسهم حق الحصانه والضمانه والسير في اتجاه الأنقلاب على الديمقراطيه .
احدى مواد الدستور تنص على ان الفتره الرئاسيه سبع سنوات ، في حين ان المبادره تعطي نصا صريحا بأن الفتره الرئاسيه المتفق عليها سنتان، وهو ما يعني تناقضا صريحا بين الممارسه لسلطة الشعب وفق الدستور ، وبين الأخذ بالمبادره كبديل لارجعة عنه.
البرلمان الذي طالما وصفته احزاب المعارضه سابقا بأنه غير شرعي ، وقاطعت جلساته تحول بين عشية وضحى اتفاق ضمانات الى برلمان شرعي له الحق في الإقرار، وكل مايصدرعنه قانوني وملزم ونافذ، وعل الجميع التقيد بكل ما يصدر عنه..
النائب زكريا الذي سبق وان اعلن اعتزامه للترشح كحق هو اليوم محروم من حقه في الترشح والمنافسه ، بحكم الأغلبيه التي كانت محل سخط معارضه الأمس.. ليس النائب الزكري وحده الذي حرم من حقه في الترشح للرئاسه ، بل العشرات من الشخصيات السياسيه كانو قد اعلنوا اعتزامهم الترشح ، الى انهم اليوم مجبرون على الرضوخ لحكم الأغلبيه ، طالما وان الدستور والقوانين في البلد معطله بعد التوقيع على المبادره الخليجيه ، لذا فإن كل مؤسسات البلد تعمل بالبركه ، وهي في الأصح غير شرعيه ، وكل ما يصدر عنها هو اجتهاد وفق ماكان معمولا به سابقا ، فكل مايصدر عن مجلس النواب من قوانين وتشريعات وموافقات واتفاقيات كلها غير شرعيه ، فقط بحكم المبادره الخليجيه .
فالمجلس الذي انتهت ولايته قبل اكثر من عامين هو مجلس غير شرعي ، طالما ومن منحه التمديد لعامين هو النظام والمعارضه الذان باتا خارج اطار الدستور الذي كان ينص على منح عامين اضافيين للمجلس وفق ماتنص عليه مواد الدستور الذي تم الغاؤه وتعطيله من قبل الطرفين.. اذا فالتمديد للمجلس بالتصويت من الطرفين ، وهما يعملان معا، يعد خارج اطار القوانين ووفق مصالحهما الخاصه كما جرت العاده والمصالحه الخاصه بالمؤتمر والمشترك.
كما ان منح الثقه من قبل اعضاء غير شرعيين ولا يمثلون ناخبيهم الذين منحوهم الثقه لمده زمنيه محدده ليكونوا ممثليهم في مجلس النواب ، وعملوا على منح الثقه للحكومه الجديده وتمرير ادائها وسياستها ، غير شرعي ، وهم يدركون جيدا بأنهم لم يعدوا نوابا للشعب الذي اختارهم ، وان منحتهم الحكومه الثقه الزائفه لايعني  بأنهم والحكومه شرعيون .
فحالات المهادنه وترحيل الأزمات سينصدم بها النواب والحكومه كما انصدموا بالثوره الشبابيه.
الشباب في الساحات وخارجها اكدوا ان الحكومه لا تمثلهم ومجلس النواب لا يمثلهم فقد انتهى بخروج الشعب عليهم في فباير، ويؤكدون ان لا شرعيه للحكومه وللمجلس ، وان الشرعيه الثوريه هي من الغت النظام بكل مؤسساته الدستوريه وغيرها، وقبل التوقيع على المبادره اكدوا ايضا بأنهم اي المؤتمروالمشترك غير شرعيين.
يبرر اعضاء مجلس النواب والحكومه بأن المرحله الراهنه تتطلب اجراءات وان كانت غير ثوريه ، لكن المصلحه العليا للبلد تفرض عليهم ذلك .
قد تكون عودة الطرفين للشراكه ، ومصالحهم تقتضي ذلك، لغرض في نفس يعقوب ، لكن المؤشرات على الشراكه في الحكم توضح ان العلاقه لن تدوم طويلابين طرفين كل منهما يريد التخلص من الآخر، ولو عن طريق المحاكمه، وان المؤتمر كان اذكى من المعارضه للهروب من المأزق الذي صنعه الشباب للنظام ، مع ادراكه بأن الشعب صاحب الشرعيه قد انقلب على الجميع، ولم يعد يثق بهم ، وان الشرعيه هي بيد الشباب الثائرالذي يرفض انصاف الحلول مثلما يرفض نصف الثوره ..
وبما ان حكومة المشترك الشعبي العام وهذه هي التسميه الجديده التي اطلقها عدد من الصحفيين دشنت عملها من خلال “مسيرة الحياه” التي سقط فيها تسعة شهداء خطوا التاريخ بأقدامهم الطاهره ، فإن المسؤوليه اليوم تقع على باسندوه ووزير الداخليه ، وعليهما ان يلقيا القبض على القتله ، وتقديمهم للمحاكمه ، فالدماء التي سفكت يتحمل مسؤوليتها الإخلاقيه حكومة المشترك الشعبي العام ، طالما وان الدستور والقانون معطل ، فلم يعد لنا سوى الأخلاق الفاضله والمسؤولين عن ادارة البلد، الا اذا كان هناك طرف لانعرف من هو يقف وراء ازهاق ارواح الشباب ، لكن في نهاية المطاف تقع المسؤوليه على حكومة باسندوة في الحفاظ على ارواح الشباب ، وتقع المسؤوليه الكامله عن كل قطرة دم سفكت على عاتق الحكومه ، وهي اليوم امام اختبار حقيقي في ان تكون اولا تكون ، من خلال القاء القبض على المتورطين في جريمة الإعتداء على مسيرة الحياة ، او ان تقدم استقالتها وتجعل الثوار يختارون الطريق الذي يمكنهم من تحقيق الحسم الثوري .. فالتهديد بالإستقاله لا ينصف الشهداء والجرحى ، ولايعفي الحكومه من المساءله القانونيه امام الهيئات الدوليه طالما ونحن بدون قانون ، وبدون دستور.
البيانات التي صدرت من قبل الأحزاب والنظام ، ومن قبل بعض القوى السياسيه المندده والمستنكره لجريمة الإعتداء الهمجي لا تكفي .. نريد ان نشاهد القتله والمجرمين وراء القضبان ، هذا ما اكده الشباب خلال المسيرات التي خرجت في عدد من المحافظات تطالب النائب ورئيس الحكومه بإلقاء القبض على البلاطجه ، وان المسؤوليه تقع عليهما.
قد تكون بعض القوى السياسيه الحاليه مستفيده من تعطيل لدستور والقوانين ، من اجل مواصلة بعض التجاوزات للتشبث بالسلطه التي بقت حتى اليوم يمارسونها ، وان كانت حقا من حقوق كل الأحزاب وكل اليمنيين ، فالدستور الذي قال عنه السفير النعمان بأنه يريد إعادته هو دستور يمكن ادارة المرحله الإنتقاليه التي تقول المعارضه بأنها المرحله الحاليه ، فيما يقول الشباب بأنها تأتي عقب اسقاط النظام بكل رموزه .
الإيمان بالثوره لم يكن يوما من الأيام اراده لدى الأحزاب الحاكمه ، هم – كما يقول : مكسيم غوركي – ليسوا اكثر من مطارق وآلات يدقون بها اعناق الشعب ، وينحتون بها امثالنا، كي يتصرفوا بنا كما يشاءون بسهوله ، وهم انفسهم قد جعلوا على الصوره التي تلائم الرؤساء تماما.
قد يكون النائب عبده محمد بشر اكثر صراحة حين قال انه لم يبق امام السعوديه سوى تعيين مندوب سام لها في اليمن ، في اشاره الى المبادره الخليجيه التي عطلت الدستور، واعطت الأحزاب الموقعه عليها حق الإلتفاف على الديموقراطيه ، بحيث لايجوز تقديم مرشح غير المرشح التوافقي عبد ربه منصور هادي..
الإشكاليه تكمن في ان القوى السياسيه تريد ان تجرعنا المبادره بالقوة ، وتريد ان تجعل منها امرا واقعا ومفروضا علينا.
النائب نبيل الباشا هو الآخرعبر عن استغرابه وقال : ان التوافق بلغ ذروته من خلال مصادرة حقوق الناس الخاصه التي صانتها كل الديانات السماويه والقوانين الوضعيه ، وانا ابرأ الى الله من هذا القانون ، وقال : ان مبدأ ” حصني احصنك” مرفوض تماما..
وبما ان المرحله القادمه بدأت تتشكل معالمها من خلال الرفض التام لمبدأ الحصانه للقتله ، وكذلك رفض الوصايه لسعوديه والرفض الكامل للإلتفاف على الديموقراطيه وحرية التعبير، فإن الساحات اعلنت الرفض للمشاركه في انتخابات هزليه ، الغرض منها انجاح الإلتفاف على الديمقراطيه بعد ان افرغت من معناها حين اعلن اسم المرشح الفائز في الإنتخابات القادمه قبل اكثر من اربعة اشهرعلى اجرائها.
قد تكون الحاله اليمنيه التي يدعمها الغرب ودول الجوار لاعلاقة لها بالتغيير، طالما وان المسأله حسمت سلفا ، في حين يراد افراغ الثورة من مضامينها ، ان لم يكن ذلك هو الأهم بعد ان اختارت السعوديه والدول الغربيه اعوانها الجدد ، ورسمت المعالم للنظام القادم ، والدستور الذي يمكن ان يصاغ بدلا عن الدستورالذي عطلته المبادره السعوديه .
بأمكان السعوديه ان تخلص اليمنيين من الأنتخابات القادمه ، وبإمكانها حل مشكلة دماج ، والقضيه الجنوبيه ، لكنها لن تحضى بإحترام اليمنيين الذين طالما اذاقتهم الويلات والنكبات ، وتحاول افراغ الثوره ، وتعمل على افشالها ، وهي تسعى نحو تعطيل الديمقراطيه ، ورسم صوره مغايره للشعب عن الديمقراطيه والثورات .
المندوب السامي الحمدان التقى قبل ايام بالسلفي الوهابي محمد الأمام المعروف بتحريمه الديمقراطيه وكل اجراءاتها، ومن غير المستبعد ان يكون الإمام في مهمه جديده رسمتها السعوديه لعلمائها واعوانها في اليمن بدأت ملا محها تتضح من دماج.
ربما ان الأيام القادمه كفيله بإيضاح المهام القادمه لعملاء السعوديه في اليمن ولمندوبها.. قد لا يكون بمقدور الحكومه الحاليه تجاوز التبعيه للسعوديه ، على انها النموذج الذي منحتها الثقه في قيادة اليمن ، وبالتالي من الصعب على باسندوه وفريق الحكومه رفض التدخل السعودي في القرارالسياسي اليمني.
نواب المعارضه سابقا السلطه حاليا تمسكوا وبإصرار عجيب على المبادره وبحرمان اي مواطن من الترشح، حيث اكد العنسي  انتخاب المرشح التوافقي للسلطه والمعارضه بالإستفتاءالشعبي على نقل السلطه ،  وبأن الجميع اتفقوا على مرشح واحد ولا ينبغي نقضها بأية مناقشات ، وان يسرع البرلمان في طلب اوراق المرشح التوافقي بعيدا عن تصوير الأنتخابات على انها تنافسيه .
النائب جعبل طعيمان اعلن رفضه نقض المبادره الخليجيه ، مشددا على ضرورة الإلتزام بآليتها التنفيذيه بحسب ماورد في يمن نيوز ..
على العموم قد يغفر الشعب لمن اخطأ في حقه . وهذه سجايا شعبنا ، لكنه لن يغفرلمن اراد تحصين القتله والمجرمين ، ولا يمكن القول بأن المجرمون يحصنون انفسهم ، ليس ذلك ، فجميع الشرائع السماويه والقوانين لا تعطى حصانه لأحد من ذلك .. فقط المبادره الخليجيه هي من تعطي حصانه وتعفي المجرمين من الملاحقه والعقاب .
الدماء التي سفكت لن اقول فيها اكثر مما قاله الشاعر العربي امل دنقل : الشهداء الذين سقطوا في الميادين والساحات ، وشهور من الصمود والتضحيات هل يعتقد الساسه بأنها كانت من اجل تسويه سياسيه ؟!، هل يضن المتفقون بأن الشهداء الذين رووا التراب اليمني بدمائهم الطاهره قدموا ارواحهم من اجل المبادره الخليجيه ؟!!!.
الإستخفاف بالتضحيات وبالدماء والتواطؤ مع المجرمين والقتله سيكون ثمنه باهضا . وعلى القوى السياسيه ان تعي ذلك ..
لم يخرج الملايين من منازلهم من اجل تقاسم السلطه ..  لم يعد بالإمكان تصديق  مايحدث بالنسبه للمتابعين للشأن اليمني ، لكننا تعودنا ذلك من ارباب السياسه في اليمن .
تمسك المعارضه بالمبادره لا يعني انها على استعداد لتنفيذ كل مافيها ،  مثلها مثل الحزب الحاكم ، واقدامهم على الإنقلاب على الديمقراطيه ليس سوى فصل هزيل لطرفين لم يتفقا يوما ما، وعلى شباب الثوره مواصلة النضال الذي بدؤوه ليصلوا الى تحقيق كل ما خرجو الى الساحات  من اجله.
  نقلا عن صحيفة البلاغ

زر الذهاب إلى الأعلى